-->
سمسون للاحلام سمسون للاحلام
تفسير أحلام

آخر الأخبار

تفسير أحلام
تفسير أحلام
جاري التحميل ...
تفسير أحلام

270 مناهل العرفان (دار الفكر) الصفحة




لاحظ مع هذا ما يثيره مثل هذا التحدي الطويل العريض الجريء من الحمية الأدبية التي تبعث روح المنافسة على أشدها في نفوس من يتحداهم ثم لاحظ أن المتأخرين من الناقدين لا يعيبهم في العادة أن يستدركوا على السابقين إما نقصا يعالجونه بالكمال أو كمالا يعالجونه بما هو أكمل منه وإذا فرضنا أن واحدا قد عجز عن هذا فمن البعيد أن تعجز عنه جماعة وإذا عجزت جماعة فمن البعيد أن تعجز أمة وإذا عجز أمة فمن البعيد أن يعجز جيل وإذا عجز جيل فمن البعيد أن تعجز أجيال فكيف يصدر إذن مثل هذا التحدي عن رجل يعرف ما يقول فضلا عن رجل عظيم فضلا عن رسول كريم فضلا عن محمد أفضل المرسلين وهل يمكن أن يفسر هذا التحدي الجريئ الطويل العريض إلا بأنه استمداد من وحي السماء واستناد إلى من يملك السمع والأبصار وحديث عمن بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه
المثال السابع ما جاء من التنبؤ بمستقبل الإسلام ونجاحه نجاحا باهرا فقد أخبر القرآن والمسلمون في مكة قليل مستضعفون في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس بأن الإسلام سيظهر ويبقى وأن كتابه سيكتب له الحفظ والخلود منفردا بهذه الميزة عن سائر كتب الله اقرأ إن شئت قوله تعالى في سورة الرعد كذلك يضرب الله الحق والباطل فاما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض وفي سورة إبراهيم ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها وفي سورة الحجر إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
أجل في هذه السور الثلاث المكية قطع القرآن هذه العهود المؤكدة بتلك اللغة الواثقة والإسلام يومئذ في مكة مدفوع مضطهد والمسلمون قليل مستضعفون في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس وليس هناك من بواسم الآمال ما يلقي ضوءا على نجاح هذا الدين الوليد ولئن التمست هذه الآمال في نفس الداعي من طبيعة دعوته فما كانت لتصل إلى هذا الحد من اليقين والتأكيد ولئن وصلت إلى هذا الحد ما دام صاحبها حيا يتعهدها بنفسه ويغذيها بنشاطه فليس لديه من العوامل ما يجعله يثق بهذا النجاح بعد موته مع ما هو معروف بأن المستقبل مليء بتشتيت المفاجآت والليالي من الزمان حبالى مثقلات والتاريخ لا يزال يقص علينا وعلى الناس نبأ من قتل من الأنبياء وما ضاع أو حرف من كتب الله ووحي السماء وما حبط من دعوات الحق ونهض من دعوات الباطل كل ذلك فقد كان ومحمد لم يكن في يوم من الأيام بالرجل الأخرق الذي يسير مع الأوهام أو يطير مع الخيال أو يطلب المجد عن طريق الأحلام المكذوبة والآمال المعسولة بل كان معروفا منذ نشأته بتواضعه ورجاحة عقله واتزانه ودقته حتى لقد كان يثبت في كلامه

عن الكاتب

غير معرف

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

سمسون للاحلام